الأمم المتحدة: تصاعد القتال يوسع دائرة النزوح والدمار في أوكرانيا
المدنيون في مرمى النار
حذّر مسؤولون أمميون من تفاقم الأوضاع الإنسانية في أوكرانيا نتيجة تصاعد الأعمال العسكرية واتساع رقعتها الجغرافية، ما يُنذر بموجات نزوح جديدة ومعاناة أعمق للمدنيين، وسط تدهور مستمر في الخدمات الأساسية.
وجاء التحذير خلال جلسة لمجلس الأمن الدولي يوم الجمعة، حيث استعرض ميروسلاف يانتشا، مساعد الأمين العام للأمم المتحدة لأوروبا وآسيا الوسطى والأمريكتين، آخر تطورات الأزمة الأوكرانية، مشيرًا إلى أن البلاد شهدت خلال الأسابيع الماضية هجمات روسية مكثفة أدت إلى ارتفاع كبير في عدد الضحايا بين المدنيين وفق موقع أخبار الأمم المتحدة.
أشار يانتشا إلى أن إحدى أعنف الهجمات وقعت ليل 16-17 يونيو، عندما استهدفت طائرات مسيّرة وصواريخ روسية سبع مناطق في العاصمة كييف، ما أسفر عن مقتل 28 مدنيًا على الأقل وإصابة أكثر من 130 آخرين.
وأكد أن هذه "المستويات من الموت والدمار" تهدد بنسف أي أمل في وقف فوري لإطلاق النار وتقلل من فرص التوصل إلى سلام دائم بين روسيا وأوكرانيا.
حصيلة دامية منذ الغزو
وبحسب مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، فإن الغزو الروسي الشامل منذ فبراير 2022 أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 13,438 مدنيًا، بينهم 713 طفلًا، إضافة إلى 33,279 جريحًا، من بينهم أكثر من ألفَي طفل.
رحّب يانتشا بالمحادثات الأخيرة بين وفدين أوكراني وروسي في إسطنبول، والتي تم خلالها تبادل رؤى مكتوبة بشأن وقف إطلاق النار، وأسفرت عن اتفاق مبدئي على تبادل واسع للأسرى ورفات القتلى، بالإضافة إلى معتقلين مدنيين.
وحثّ الجانبين على تحقيق تقدم ملموس نحو وقف الأعمال القتالية والتوصل إلى تسوية سياسية، مؤكّدًا أن الأمم المتحدة لا تزال متمسكة بدعم استقلال أوكرانيا ووحدة أراضيها.
وقال في ختام كلمته: "في ظل التصعيد على الأرض وأزمات متفاقمة في أماكن أخرى، علينا مضاعفة جهودنا لضمان استدامة العملية الدبلوماسية الهشة، وتحويلها إلى مسار لا رجعة فيه".
المدنيون تحت القصف وخطر المتفجرات
من جانبها، أعربت إديم وسورنو، مديرة قسم العمليات والمناصرة في مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية بالأمم المتحدة، عن قلقها البالغ من استمرار معاناة المدنيين، مشيرة إلى أن استخدام الصواريخ بعيدة المدى والطائرات المسيّرة زاد من عدد الإصابات بين السكان في جميع أنحاء البلاد.
وقالت وسورنو إن أوكرانيا أصبحت "الدولة الأكثر تلوثًا بالألغام منذ الحرب العالمية الثانية"، حيث تشير تقديرات دائرة الأمم المتحدة للأعمال المتعلقة بالألغام إلى أن أكثر من 20% من أراضي البلاد باتت ملوثة بالألغام والذخائر غير المنفجرة.
أشارت المسؤولة الأممية إلى أن عام 2025 شهد حتى الآن 68 حادثة عنف استهدفت العاملين في المجال الإنساني أو ممتلكاتهم، نتج عنها مقتل اثنين من عمال الإغاثة وإصابة 24 آخرين.
ملايين بحاجة للمساعدة والدعم الدولي لا يكفي
وأوضحت أن أكثر من 13 مليون شخص داخل أوكرانيا بحاجة ماسة إلى المساعدات الإنسانية، بينهم 3.7 مليون نازح داخلي، و60 ألف نزحوا من مناطق المواجهة منذ يناير 2025.
وأضافت: "لا يزال هناك ما يقرب من 6 ملايين لاجئ أوكراني في العالم، أغلبهم في أوروبا. وفي الوقت ذاته، لا يمكننا الوصول إلى ما يُقدر بـ1.5 مليون مدني في المناطق التي تحتلها روسيا".
ورغم التحديات، أعلنت وسورنو أن أكثر من 450 منظمة إنسانية، أغلبها محلية، تمكّنت من إيصال مساعدات منقذة للحياة إلى نحو 3.4 مليون شخص خلال الأشهر الخمسة الأولى من عام 2025.
لكنها حذّرت من فجوة كبيرة في التمويل، إذ لم يُموّل سوى 31% من خطة الاستجابة الإنسانية لهذا العام، والتي تبلغ قيمتها 2.6 مليار دولار.
وختمت بدعوة قوية إلى مجلس الأمن: "نحتاج إلى تحرك دولي عاجل ومنسّق، لحماية المدنيين، ودعم جهود الإغاثة، وإنهاء هذه الحرب التي تمزق حياة ملايين الأبرياء".
بدأت الحرب في أوكرانيا عقب الغزو الروسي في 24 فبراير 2022، والذي وصفته الأمم المتحدة بأنه غير قانوني. ومنذ ذلك الحين، تشهد البلاد واحدة من أعنف النزاعات في أوروبا منذ عقود، حيث اتسعت العمليات العسكرية لتشمل مدنًا وبُنى تحتية مدنية. وأثرت الحرب بشكل مباشر في ملايين السكان، وتسببت في أكبر أزمة لاجئين في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية، في ظل تحديات إنسانية وأمنية لا تزال قائمة دون حل سياسي شامل.